
في العقود الأخيرة، لم يعد تغير المناخ مجرد مصطلح علمي أو قضية بيئية للنقاش، بل أصبح أزمة عالمية نعيشها يوميًا بآثارها المدمرة. الأعاصير، الفيضانات، موجات الجفاف، وحرائق الغابات باتت أخبارًا متكررة في نشرات الأخبار، ما يؤكد أن التغير المناخي حقيقة قاسية تفرض نفسها على البشرية جمعاء.
لكن رغم أن الكوكب بأسره يتأثر، هناك دول أكثر هشاشة، إما بسبب موقعها الجغرافي أو ظروفها الاقتصادية والسياسية، ما يجعلها على قائمة أكثر الدول عرضة للاندثار أو الكوارث.
ما هو تغير المناخ ولماذا يهدد البشرية؟
تغير المناخ يشير إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس. هذه التغيرات غالبًا ما ترتبط بزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات.
النتيجة المباشرة لذلك هي ارتفاع درجات الحرارة، ذوبان الجليد القطبي، زيادة مستوى البحار، وتزايد الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والجفاف. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى أزمات غذائية ومائية، نزوح جماعي للسكان، واضطرابات سياسية واقتصادية تهدد استقرار العالم.
دول تواجه خطر الاندثار بسبب تغير المناخ
1. جنوب السودان
في شمال شرق إفريقيا، يقف جنوب السودان على خط المواجهة. فقد تسبب تغير المناخ إلى جانب الصراعات الداخلية في نزوح أكثر من مليوني شخص. ورغم غنى البلاد بالموارد المائية، إلا أن 55% فقط من السكان يحصلون على مياه شرب آمنة.
منذ السبعينيات، انخفض هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 20%، ما جعل الزراعة والثروة الحيوانية على شفا الانهيار.
2. مدغشقر
تعد مدغشقر من أكثر الجزر عرضةً للكوارث المناخية. الأعاصير المتكررة وموجات الجفاف التي لم يشهدها السكان منذ 40 عامًا أثرت على حياة أكثر من 1.5 مليون شخص.
اعتماد السكان على الزراعة التقليدية جعل أزمة المناخ تتحول إلى أزمة غذاء يومية.
3. أفغانستان
رغم مساهمتها الضئيلة في الانبعاثات العالمية، إلا أن أفغانستان من الأكثر تضررًا. إذ يعتمد 80% من السكان على الزراعة، ما يجعلهم عرضة لأي اضطراب مناخي. الجفاف والانهيارات الأرضية والزلازل تفاقم الوضع، بينما تضعف الصراعات الداخلية قدرة الدولة على المواجهة.
4. هايتي
تقع هايتي في قلب الأعاصير المدارية بمنطقة الكاريبي. إزالة الغابات أدت إلى انجراف التربة وتفاقم الانهيارات الأرضية. ندرة المياه وتدهور الأراضي الزراعية جعلا الدولة في مواجهة مباشرة مع أزمة مناخية مركبة: بيئية واقتصادية.
5. الفلبين
تضم الفلبين أكثر من 7000 جزيرة، لكنها تتعرض سنويًا إلى حوالي 20 إعصارًا، خمسة منها من الأعنف في تاريخها منذ عام 2006.
الأعاصير المتزايدة في الشدة والتكرار تهدد حياة السكان وتدمر البنية التحتية، بينما ترتفع الخسائر الاقتصادية بشكل غير مسبوق.
6. جمهورية الكونغو الديمقراطية
من المتوقع أن تشهد الكونغو الديمقراطية ارتفاعًا في درجات الحرارة بمعدل 1–2.5 درجة مئوية بحلول 2050، إلى جانب جفاف طويل وأمطار غزيرة.
كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 70 سم بحلول 2080 سيعرض المناطق الساحلية للتآكل، ويهدد ملايين السكان.
7. باكستان
وفقًا لمؤشر مخاطر المناخ العالمي، تُعد باكستان من بين أكثر 10 دول تضررًا. على مدار العقدين الماضيين، فقدت آلاف الأرواح وخسرت أكثر من 4 مليارات دولار بسبب الكوارث المناخية.
موجات الحر والجفاف المتكرر دمرا المحاصيل الزراعية، بينما يواجه السكان أزمة مياه وغذاء متفاقمة.
8. إثيوبيا
تُعرف إثيوبيا بظروفها المناخية المتطرفة. ففي عام 2011، تسبب الجفاف في مجاعة أودت بحياة الآلاف ودفعت الملايين لطلب المساعدة الغذائية.
اعتمادها الكبير على الزراعة والرعي يجعلها عرضة لأي تقلب مناخي، سواء فيضانات أو براكين أو زلازل.
9. الصومال
أكثر من 70% من سكان الصومال يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل. الجفاف المستمر والفيضانات الشديدة يهددان الأمن الغذائي، في حين يفاقم إنتاج الفحم وتدهور الغطاء النباتي من الأزمة.
مستقبل دول بأكملها على المحك
ما تكشفه هذه الحالات أن تغير المناخ ليس مجرد أزمة بيئية، بل قضية وجودية تهدد دولًا بأكملها بالاندثار. إذا لم تتكاتف الجهود الدولية، قد نجد في غضون عقود دولًا اختفت من الخريطة أو شعوبًا هجّرت بالكامل.
الحلول الممكنة:
-
الاستثمار في الطاقة المتجددة
-
تعزيز خطط التكيف والتخفيف من آثار الكوارث
-
سياسات دولية عادلة لمواجهة الانبعاثات
-
نشر الوعي البيئي على مستوى المجتمعات
الوقت يمر بسرعة، والكوكب يرسل إشارات تحذيرية متتالية. إنقاذ هذه الدول ليس رفاهية، بل ضرورة من أجل مستقبل البشرية.
0 تعليقات