كود اعلان

آخر المواضيع

لماذا يصدر جبل إيفرست أصواتًا مرعبة في الليل؟ السر العلمي وراء الظاهرة


لطالما ارتبط اسم جبل إيفرست، أعلى قمة في العالم، بالمغامرة والخطر والرهبة. فهو مقصد المتسلقين والباحثين عن التحدي، كما أنه مثار اهتمام العلماء والباحثين في مجال الجغرافيا والمناخ. لكن خلف هذه الصورة المهيبة، يخفي الجبل لغزًا أربك المستكشفين لعقود طويلة: أصوات غامضة ومرعبة تُسمع مع حلول الليل.


جبل إيفرست بين الأساطير والحقائق

منذ قرون، تناقلت القصص أن قمة إيفرست مسكونة بالأشباح والأرواح، وأن الأصوات التي تُسمع عند الليل ما هي إلا تحذيرات خفية لمنع البشر من غزو القمة. هذه الأساطير عززت من رهبة الجبل وفتحت الباب أمام خيال لا ينتهي حوله.

لكن العلم، كعادته، جاء ليضع النقاط على الحروف، ويكشف أن هذه الأصوات لها تفسير منطقي بعيد عن الغيبيات.


سر الأصوات المرعبة: الأنهار الجليدية تتحدث

في عام 2018، قاد عالم الجليد الروسي يفجيني بودولسكي فريقًا دوليًا من الباحثين إلى جبال الهيمالايا النيبالية بهدف حل لغز الأصوات الليلية. بعد أسابيع من المراقبة والبحث في نظام Trakarding-Trambau Glacier، توصّل العلماء إلى أن الأصوات ليست سوى انفجارات جليدية طبيعية ناجمة عن التغيرات الحادة في درجات الحرارة.

كيف يحدث ذلك؟

  • خلال النهار: تكون درجات الحرارة معتدلة نسبيًا، ما يسمح للجليد بالحفاظ على تماسكه.

  • عند الليل: تهبط درجات الحرارة إلى ما يقارب -15 درجة مئوية. هذا الانخفاض المفاجئ يتسبب في تشقق الأنهار الجليدية وانفجارها، منتجة أصواتًا قوية تشبه الانفجارات أو التحطّم.


تجربة الباحثين على أرض الجليد

على مدار ثلاثة أسابيع، أقام الفريق العلمي معسكرًا على ارتفاع ثلاثة أميال فوق سطح البحر. وباستخدام أجهزة استشعار زلزالية متطورة، تمكنوا من تسجيل الاهتزازات والضوضاء المنبعثة من أعماق الأنهار الجليدية.

النتيجة كانت واضحة: الأصوات المخيفة مرتبطة مباشرة بالتصدعات الليلية الناتجة عن التجمد السريع. وقد أكد بودولسكي أن الأصوات كانت عالية لدرجة جعلت النوم شبه مستحيل في بعض الليالي.


بين الرهبة والدهشة: ماذا تعني هذه الظاهرة؟

رغم أن العلم كشف السر، إلا أن رهبة الظاهرة لم تقل. تخيّل نفسك على ارتفاع شاهق، وسط صمت مطبق، ثم تسمع دويًّا يشبه الانفجارات المتتالية! ليس غريبًا أن يربطها المستكشفون قديمًا بالأرواح.

لكن الأهم أن هذه الأصوات ليست مجرد غرائب طبيعية، بل تحمل رسائل بيئية مهمة:

  • تأثيرات تغير المناخ واضحة في هشاشة الأنهار الجليدية.

  • الذوبان والتشقق المتكرر يشير إلى المخاطر المتزايدة على النظم البيئية.

  • الأصوات "المرعبة" قد تكون إنذارًا مبكرًا حول سرعة تدهور البيئة الجليدية في جبال الهيمالايا.


جبل إيفرست: مختبر طبيعي للتغير المناخي

لم يعد إيفرست مجرد وجهة للمغامرين، بل تحول إلى مختبر طبيعي يدرس من خلاله العلماء آثار الاحتباس الحراري وتغير المناخ على الأنهار الجليدية. دراسة مثل هذه الظواهر تساعد في فهم كيفية تأثر المناطق القطبية والجبلية بالعوامل المناخية المتطرفة.


الخلاصة

بعد عقود من الحيرة والأساطير، نجح العلم في كشف اللغز: الأصوات المرعبة الصادرة ليلًا من جبل إيفرست ليست سوى صرخات الجليد المتشقق بفعل البرد القارس. ورغم أن الأرواح بريئة من الأمر، إلا أن الحقيقة العلمية لا تقل إثارة، بل تضيف بُعدًا جديدًا لفهمنا لهذا الجبل الأسطوري.

يبقى إيفرست شاهدًا على عظمة الطبيعة وغموضها، ومسرحًا لأسرار لا تنتهي، بعضها قد يكشفه العلم، وبعضها الآخر قد يظل حبيس الأساطير.


إرسال تعليق

0 تعليقات

مساحة اعلانية احترافية